تناولت الندوة التي عقدها نادي القصة في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في الشارقة مساء الأربعاء 15/12/2010 بعض القضايا الساخنة التي تخص واقع القصة العربية وآفاقها المستقبلية.
ففي الجلسة الأولى التي ترأسها مشرف النادي القاص والناقد عبد الفتاح صبري قدّم الروائي الأردني محمد سناجلة ورقة بعنوان (الواقعية الرقمية: أدب جديد لعصر جديد)، استهلها بإشارات إلى طبيعة العصر الرقمي الذي قال إن البشرية دخلته أواخر القرن الماضي، وكان من نتائج ذلك ولادة أدب جديد أسماه (أدب الواقعية الرقمية)، وهو يقوم على نظرية أدبية جديدة ومختلفة تندمج فيها الأجناس الأدبية في جنس واحد يمتزج فيه الأدب بالتقنية، وتتخلى الكلمة عن موقعها الأساس لتغدو مجرد جزء من كل.
وفي سياق عرضه لبعض خصائص الكتابة الرقمية قال: "إن هذه الكتابة تعتمد على البعد التشعبي (الهايبرتكست)، وتستخدم على نحو مكثف مختلف النظريات والقوانين العلمية والرياضية، كما أنها بحاجة إلى وعاء جديد يحملها هو الوعاء الإلكتروني".
ثم قدم في الجزء التطبيقي من ورقته جوانب من تجربته في هذا النوع من الكتابة، وذلك من خلال روايته الرقمية (شات) التي تتحدث عن شخص يعيش حالة عزلة في إحدى الصحارى، لكن عزلته هذه سرعان ما يخترقها من خلال وسائل الاتصال الحديثة، لينتقل من الحياة الواقعية إلى الحياة الافتراضية، حيث ينسج شبكة من العلاقات الإنسانية المعقدة عبر الرسائل النصية، ومحادثات الماسنجر. والرواية مبنية بطريقة لا يمكن التعامل معها إلا من خلال شاشة الحاسوب، التي تقدم النص معززاً بجملة من التأثيرات الصوتية والبصرية، مع إحالات وارتباطات تشعبية تقطع المسار الخطي للعمل، وتنقل المتلقي بين الحين والآخر إلى عوالم أخرى تقتضي منه أن يكون عنصراً متفاعلاً في العمل.
وبالطريقة نفسها قدم سناجلة جوانب من تجربته في أعمال أخرى كرواية (صقيع) التي وظف فيها الشعر الرقمي إلى جانب فنون الجرافيك والأغنية.
أما الجلسة الثانية فترأسها الناقد د. صالح هويدي، وفيها سلط الناقد د. عالي سرحان القرشي من السعودية الضوء على القصة السعودية وتاريخها وأهم ملامحها الفنية. ففي ورقته (القصة السعودية: سؤال الرؤيا والتشكيل) قال: "إن القصة من الفنون القديمة التي رافقت ظهور الإنسان، بل إن الوجود الإنساني هو وجود حكائي".
وفيما يخص القصة السعودية ذكر أنها تشهد اليوم نهوضاً واسعاً، وقد بلغ عدد المجموعات القصصية الصادرة إلى الآن أكثر من (750) مجموعة، تتنوع موضوعاتها، وأساليب الكتابة فيها، وأدوات التعبير، وأشكال البناء.
والقصة السعودية كانت في بداياتها أقرب إلى ما أسماه القرشي (المقال القصصي) الذي يهتم باللغة البيانية على حساب البناء، لكنها سرعان ما تجاوزت هذه المرحلة، واستقلت عن سواها من الفنون، وقدمت فهماً واضحاً لشروط القصة ومقتضياتها الفنية. ثم جاءت المرحلة الثالثة التي عبرت عن نزوع نحو التجريب، وحاولت الاستفادة من معطيات العصر الرقمي الجديد.
ثم عرض الناقد للتغيرات التي تعيشها القصة السعودية في مزيد من التفصيل، وهي تغيرات طالت ـ بحسب تعبيره ـ كلاً من البناء السردي، وعالم القصة، واللغة السردية، وكان حريصاً على أن يقدم أمثلة لكل من هذه الجوانب من خلال نصوص اختارها لكتاب سعوديين ينتمون إلى أجيال مختلفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق