نظم نادي القصة في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في الشارقة مساء الأربعاء 19/5/2010 أمسية استضاف فيها القاصة الإماراتية مريم الساعدي. وبعد أن عرف القاص إسلام أبو شكير بالضيفة قدم ورقة عرض فيها لأهم الملامح التي ميزت ما أسماه الكتابة القصصية الجديدة في الأدب الإماراتي، والتي أسست لها مجموعة من الأصوات الشابة التي قال إن مريم الساعدي تمثل أهمها وأكثرها نضجاً. وذكر أن هذه الكتابة تميزت ببعد إنساني عبر عن موقف جديد تجاه الآخر الذي كانت القصة في مراحلها السابقة تنظر إليه غالباً بعين التوجس والريبة. كما أشار إلى الوعي الفني الذي كشفت عنه التجربة، وإلى الاستجابة إلى طبيعة المرحلة، والانخراط في قضايا العصر بعيداً عن الانغلاق، ثم ختم بالقول إن أهم ما يستوقف المتابع للتجارب الجديدة في القصة القصيرة الإماراتية أنها أنثوية الطابع، فأصحابها الذين أسسوا لها هم كاتبات على الأغلب مع استثناءات قليلة، وقد نجم عن ذلك أن زوايا النظر إلى العالم اختلفت، وبدا الغوص في عالم الأنثى أشد عمقاً وجرأة في كثير من الأحيان.
ثم قرأت الساعدي نصين قصصيين أولهما بعنوان (تداعيات الاستناد إلى جذع شجرة في مدينة اسمنتية) عالجت فيه قضية الروح التي تبحث عن الانعتاق في ظروف صعبة تهيمن عليها قيم تتعارض مع حاجة الإنسان إلى الحب والحرية والاستمتاع بالجمال. أما النص الآخر فكان بعنوان (عراقي)، وفيه تحليل إبداعي شديد الرهافة لفكرة الوطن والمنفى، حيث يتحول الوطن إلى مجرد ذكرى يحملها الإنسان معه، ليعتاش عليها.
واستكمالاً للمسار النقدي في اللقاء تحدث الناقد والروائي عبد الفتاح صبري في ورقته عن تجربة الساعدي في مجموعتها القصصية الثانية (أبدو ذكية)، ورأى أنها تفتح أسئلة كثيرة باتجاه المضامين، واللغة، وطرائق السرد ومستوياته. ثم انتقل إلى عتبات المجموعة، وبحث في العنوان، والمقدمة، والعناوين الفرعية، والإهداء. أما النصوص، فكانت الكاتبة تمهد لها بمقدمات رأى صبري أنها تكشف عن وعي الكاتبة من جهة، وكيفية إدارتها فنياً للحدث من جهة أخرى. وفي الختام لفت صبري النظر إلى أن الكاتبة اعتمدت في نهايات قصصها على ثيمة الهروب السلبي مما يثير تساؤلات عن مدى فاعلية الشخصيات في مستويات الحياة الافتراضية داخل النصوص.
ثم ختم الناقد الدكتور صالح هويدي اللقاء بمداخلة أشار فيها إلى بعض الخصائص والسمات التي ميزت تجربة الساعدي في مجموعتيها معاً (مريم والحظ السعيد) و(أبدو ذكية)، ومن ذلك درجة الوعي العالية، والثقافة العميقة، والجرأة وقوة الحضور، والحمولة الرؤيوية الفلسفية التي تجور أحياناً على الجانب الفني. ثم فصل في الحديث عن المواقف التي عبرت النصوص عنها تجاه كثير من القضايا الإنسانية الكبرى، وتناول صورة الآخر في قصص الساعدي، وهي صورة راقية على حد قوله، تعكس رغبة في الوصول إلى الهوية المحلية من خلال الهوية الكونية، كما لاحظ أن قيمة الحب كانت لها درجة حضور واسعة في تجربة الكاتبة، إلى جانب النقد اللاذع لبعض التقاليد الاجتماعية والعلاقات الزائفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق