استضاف نادي القصة في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في مقره في الشارقة الأربعاء 3/2/2010 الناقد الدكتور صالح هويدي في جلسة أدارها إسلام أبو شكير منسق النادي. وقد قدّم د. هويدي ورقة تناول فيها المجموعة القصصية (ضوء يذهب للنوم) للقاصة الإماراتية ابتسام المعلا، والصادرة عن هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث عام 2008.
الدراسة بدأها د. هويدي بالحديث عن ملامح العالم القصصي في المجموعة، وذكر أن من أبرز تلك الملامح الشعور بالغربة والوحدة لدى شخصيات المجموعة، ثم ملمح الفقد، والموت التراجيدي الذي يتكرر في عدد من القصص. ثم انتقل د. هويدي إلى ما أسماه الثقافة السيكولوجية التي لاحظ أن القاصة تمتلكها باقتدار واضح، وأفادت منها في فهم دواخل الشخصيات، وتحليل دوافعها وتشخيص عقدها النفسية. أما فيما يتعلق بتقنيات البنية السردية فقد جربت الكاتبة عدداً منها، فثمة قصص رويت من منظور الراوي المتماهي بمرويه، وأخرى من منظور الراوي المفارق له، كما استخدمت أسلوب السرد الخطي جنباً إلى جنب مع أسلوب الارتداد (الفلاش باك) والمونولوج والتداعي واللجوء إلى التكثيف اللغوي وشحن اللغة بحمولة شعرية. ولاحظ الناقد أن القاصة زاوجت في نهايات قصصها بين تقنية البنية المغلقة وتقنية البنية المفتوحة.
القسم الثاني من الورقة كان تحليلاً مفصلاً لقصة اختارها الناقد من المجموعة، وكانت بعنوان (خفيفة مثل بالون)، وقد بدأ التحليل بعرض للأحداث المفصلية في القصة، حيث كنا أمام امرأة مسنة تتردد على المطار بانتظام، وكانت تجد متعة كبيرة في مراقبة الناس من حولها وهم يعيشون لحظات الوداع أو الاستقبال، ومع تقدم عملية السرد تتكشف حالة الحزن التي كانت المرأة تعيشها بعد أن تخلى ابنها الوحيد عنها، وتركها تعاني من العزلة. وقد كان لكل وجه يمر بالمرأة في صالة المطار دور في إثارة أحزانها، وتحريض ذاكرتها المتعبة لاستعادة التفاصيل المأساوية المؤثرة في حياتها. ثم جاءت النهاية الفجائعية عندما صدمتها سيارة عابرة أثناء خروجها من المطار لتصل بالمأساة إلى ذروتها.
الناقد د. هويدي في تحليله للقصة توقف عند بنية الاستهلال فيها، ثم عند الشخصيات بوصفها معادلاً رمزياً للأزمة، كما تناول البعد الدلالي للأحداث، وختم بالقول إن القصة انطوت على إمكانات تعبيرية واضحة، تجلت على نحو خاص في قدرة الكاتبة على الإرهاص الرامز للأحداث كما هو واضح في مشهد موت المرأة الذي سبقته إشارات ذكية مهدت له، وهيأت لحدوثه.